لماذا نحتاج إلى التربية الإيمانية ؟
لماذا نحتاج إلى التربية
الإيمانية ؟
يكاد
يكون حديثنا هذه الليلة منحصراً في الإجابة عن هذا السؤال، إننا نحتاج للتربية
الإيمانية لجملة أمور، منها:
الأول: الإيمان هو أفضل الأعمال:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل أي العمل أفضل؟ فقال: "إيمان بالله
ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" قيل: ثم ماذا؟
قال: "حج مبرور" متفق عليه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال سألت النبي رسول الله صلى الله عليه و سلم أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله وجهاد في سبيله" قلت: فأي
الرقاب أفضل؟ قال: "أعلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها…" متفق
عليه.
وحين
جاء وفد عبد قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله لقد حال بيننا
وبينك هذا الحي من كفار مضر فلا نصل إليك إلا في الشهر الحرام فمرنا بأمر فصل نأمر
به من وراءنا، قال صلى الله عليه وسلم : آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع قال : آمركم
بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان ؟ ثم ذكر صلى الله عليه وسلم شيئاً من
شرائع الإيمان . والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله هذا الوفد أن
يأمرهم بأمر فصل حين سأله هؤلاء أن يبين لهم أمراً يستغنون به ويعلمون به مَنْ
وراءَهم إذ هم لا يستطيعون أن يصلوا إليه إلا في الشهر الحرام أمرهم صلى الله عليه
وسلم بالإيمان بالله وحده .
الثاني: الإيمان مناط النجاة يوم القيامة:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه و سلم:"لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى
تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"رواه
مسلم.
الثالث: تفاوت الناس يوم القيامة على أساس الإيمان:
وهذا التفاوت له ميادين منها:
أ- تفاوت الناس على الصراط على أساس الإيمان، فهم
يؤتون نوراً على قدر إيمانهم (يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم).
والله
عز وجل أمر عباده في الدنيا أن يسيروا على
صراطه المستقيم، فيقول تبارك وتعالى آمراً إياهم بسؤاله الهداية :(اهدنا الصراط
المستقيم) ، (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) فأمر
الله عز وجل الناس أن يسيروا على الصراط
المستقيم في الدنيا، والمرء لا يستطيع أن يبصر الصراط إلا بالنور؛ فيبصر الصراط
المستقيم في الدنيا بنور الإيمان فكلما قوي إيمان المرء في الدنيا أعطاه الله عز
وجل بصيرة يبصر بها الصراط أمامه حتى لا
يضل ولا يزيغ؛ فيصبح يرى الطريق أمامه واضحاً جلياً وإنما يلبس على المرء ويضل
بسبب إعراضه كما قال تبارك وتعالى (ونقلب
أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون * ولو أننا
نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً) إلى آخر
الآيات .
ويوم
القيامة يُعْطَى نوراً على الصراط في الدار الآخرة كما أعطي هذا النور، فعلى قدر
إيمانه وسيره على الصراط المستقيم في الدنيا يُؤتَى نوراً يوم القيامة، وعلى قدر
ثباته على صراط الدنيا يكون ثباته على الصراط يوم القيامة.
ب - تفاضل أهل الجنة فيما بينهم على أساس الإيمان .
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من
فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما
بينهم" قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال:
"بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين"رواه مسلم.
ج - تفاوت العصاة من الموحدين في النار مرتبط
بالإيمان .
عن معبد بن هلال العنزي قال اجتمعنا ناس من أهل
البصرة فذهبنا إلى أنس بن مالك –رضي الله عنه- وذهبنا معنا بثابت البناني إليه
يسأله لنا عن حديث الشفاعة، فإذا هو في قصره فوافقناه يصلي الضحى، فاستأذنا فأذن
لنا وهو قاعد على فراشه، فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة، فقال
يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاءوك يسألونك عن حديث الشفاعة،
فقال: حدثنا محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون
آدم...الحديث، وفيه: فأقول يا رب أمتي أمتي، فيقول: انطلق فأخرج منها من كان في
قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أَخِرُّ له
ساجداً، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يُسْمَع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول:
يا رب أمتي أمتي فيقول انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من
إيمان فأخرجه، فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجداً،
فيقول: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي
أمتي، فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان
فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل" وراه البخاري.
الرابع: الإيمان يزيد وينقص:
من
عقيدة أهل السنة أن الإيمان يزيد وينقص وأن أهله يتفاضلون فيه، والأدلة على ذلك
مشهورة، قال الإمام البخاري في صحيحه : كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه
وسلم بني الإسلام على خمس، وهو قول وفعل
يزيد وينقص قال تعالى:(ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم) ، (ويزيد الله الذين
اهتدوا هدى) ، (والذين اهتدوا زادهم هداً وآتاهم تقواهم) ،(ويزداد الذين آمنوا
إيماناً) وقوله: (أيكم زادته هذه إيماناً) وقوله جل ذكره :(فاخشوهم
فزادهم إيماناً) وقوله تعالى:(فما زادهم إلا إيماناً وتسليماً) ثم حين
أورد هذه الآيات نقل القول بذلك عن أبي القاسم اللالكائي في السنة عن الشافعي
وأحمد وإسحاق وأبي عبيدة وأيضاً قال رحمه الله لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء
بالأمصار فما رأيت أحداً يختلف في أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص.
ان
أعظم المصائب وأصغرها تبدأ من نقطة اختلال واحدة ، وإحراق ورقة واحدة ، أو غابة
إنما يبدأ بعود ثقاب.
المقصود
أننا نعاني من مشكلات تربوية كثيرة، ويتردد السؤال ويتكرر ما الحل لهذه المشكلة ؟
وما العلاج لتلك ؟ لا شك أن الحل لهذه المشكلات هو في تعميق التربية الإيمانية هو
تعميق الإيمان في النفوس، والصلة بالله عز وجل
وحين نجعل الهم همًّا واحداً نختصر الطريق على أنفسنا بدلاً من أن نذهب
نعالج كل مشكلة على حدة.
بل
إن هذه المشكلات لو عالجناها بعلاج بعيدٍ عن التربية الإيمانية فسيبقى علاجاً مؤقتاً،
سيبقى علاجاً لا يتوجه إلى مصدر الداء.
تعليقات
إرسال تعليق